فصل: تفسير الآيات (24- 37):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (24- 37):

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آَيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37)}
قوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبراهيم المكرمين} ذكر سبحانه قصة إبراهيم؛ ليبين أنه أهلك بسبب التكذيب من أهلك. وفي الاستفهام تنبيه على أن هذا الحديث ليس مما قد علم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه إنما علمه بطريق الوحي. وقيل: إن {هل} بمعنى (قد)، كما في قوله: {هَلْ أتى عَلَى الإنسان حِينٌ مّنَ الدهر} [الإنسان: 1] والضيف مصدر يطلق على الواحد والاثنين والجماعة، وقد تقدم الكلام على قصة ضيف إبراهيم في سورة هود، وسورة الحجر، والمراد بكونهم مكرمين: أنهم مكرمون عند الله سبحانه؛ لأنهم ملائكة جاءوا إليه في صورة بني آدم، كما قال تعالى في وصفهم في آية أخرى: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26] وقيل: هم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل.
وقال مقاتل، ومجاهد: أكرمهم إبراهيم وأحسن إليهم وقام على رؤوسهم، وكان لا يقوم على رؤوس الضيف، وأمر امرأته أن تخدمهم.
وقال الكلبي: أكرمهم بالعجل {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ} العامل في الظرف {حديث} أي: هل أتاك حديثهم الواقع في وقت دخولهم عليه، أو العامل فيه: {ضيف} لأنه مصدر، أو العامل فيه: {المكرمين}، أو العامل فيه: فعل مضمر أي: اذكر {فَقَالُواْ سَلامًا} أي: نسلم عليك سلاماً {قَالَ سلام} أي: قال إبراهيم سلام. قرأ الجمهور بنصب {سلاماً} الأول، ورفع الثاني، فنصب الأوّل على المصدرية بتقدير الفعل كما ذكرنا، والمراد به: التحية، ويحتمل أن يكون المعنى: فقالوا كلاماً حسناً؛ لأنه كلام سلم به المتكلم من أن يلغو، فيكون على هذا مفعولاً به. وأما الثاني: فرفعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر، أي: عليكم سلام، وعدل به إلى الرفع لقصد إفادة الجملة الاسمية للدوام والثبات، بخلاف الفعلية فإنها لمجرد التجدّد والحدوث، ولهذا قال أهل المعاني: إن سلام إبراهيم أبلغ من سلام الملائكة، وقرئ بالرفع في الموضعين، وقرئ بالنصب فيهما. وقرأ أهل الكوفة إلاّ عاصماً بكسر السين، وقرئ {سلم} فيهما، {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} ارتفاع قوم على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: أنتم قوم منكرون. قيل: إنه قال هذا في نفسه ولم يخاطبهم به؛ لأن ذلك يخالف الإكرام. قيل: إنه أنكرهم لكونهم ابتدءوا بالسلام، ولم يكن ذلك معهوداً عند قومه، وقيل: لأنه رأى فيهم ما يخالف بعض الصور البشرية، وقيل: لأنه رآهم على غير صورة الملائكة الذين يعرفهم، وقيل غير ذلك. {فَرَاغَ إلى أَهْلِهِ} قال الزجاج: أي: عدل إلى أهله، وقيل: ذهب إليهم في خفية من ضيوفه، والمعنى متقارب، وقد تقدم تفسيره في سورة الصافات. يقال: راغ وارتاغ بمعنى طلب، وماذا يريغ أي: يريد ويطلب، وأراغ إلى كذا: مال إليه سرًّا وحاد {فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ} أي: فجاء ضيفه بعجل قد شواه لهم، كما في سورة هود: {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69] وفي الكلام حذف تدل عليه الفاء الفصيحة، أي: فذبح عجلاً فحنذه فجاء به {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} أي: قرّب العجل إليهم ووضعه بين أيديهم فقَال: {أَلاَ تَأْكُلُونَ} الاستفهام للإنكار، وذلك أنه لما قربه إليهم لم يأكلوا منه. قال في الصحاح: العجل: ولد البقر والعجول مثله، والجمع العجاجيل، والأنثى عجلة، وقيل: العجل في بعض اللغات الشاة {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} أي: أحسّ في نفسه خوفاً منهم لما لم يأكلوا مما قرّبه إليهم. وقيل: معنى أوجس: أضمر، وإنما وقع له ذلك لما لم يتحرموا بطعامه. ومن أخلاق الناس أن من أكل من طعام إنسان صار آمناً منه، فظن إبراهيم أنهم جاءوا للشرّ، ولم يأتوا للخير. وقيل: إنه وقع في قلبه أنهم ملائكة، فلما رأوا ما ظهر عليه من أمارات الخوف قالوا: {لاَ تَخَفْ} وأعلموه أنهم ملائكة مرسلون إليه من جهة الله سبحانه: {وَبَشَّرُوهُ بغلام عَلَيمٍ} أي: بشروه بغلام يولد له كثير العلم عند أن يبلغ مبالغ الرجال، والمبشر به عند الجمهور هو إسحاق.
وقال مجاهد وحده: إنه إسماعيل، وهو مردود بقوله: {وبشرناه بإسحاق} [الصافات: 112] وقد قدّمنا تحقيق هذا المقام بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره. {فَأَقْبَلَتِ امرأته في صَرَّةٍ} لم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان، وإنما هو كقولك: أقبل يشتمني، أي: أخذ في شتمي، كذا قال الفراء، وغيره. والصرّة: الصيحة والضجة، وقيل: الجماعة من الناس. قال الجوهري: الصرّة: الضجة والصيحة، والصرّة: الجماعة، والصرّة: الشدّة من كرب أو غيره، والمعنى: أنها أقبلت في صيحة، أو في ضجة، أو في جماعة من الناس يستمعون كلام الملائكة، ومن هذا قول امرئ القيس:
فألحقه بالهاديات ودونه ** جراجرها في صرّة لم تزيل

وقوله: {فِى صَرَّةٍ} في محل نصب على الحال {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} أي: ضربت بيدها على وجهها، كما جرت بذلك عادة النساء عند التعجب. قال مقاتل، والكلبي: جمعت أصابعها، فضربت جبينها تعجباً. ومعنى الصكّ: ضرب الشيء بالشيء العريض، يقال: صكه أي: ضربه {وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} أي: كيف ألد وأنا عجوز عقيم؟ استبعدت ذلك لكبر سنها؛ ولكونها عقيماً لا تلد {قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ} أي: كما قلنا لك وأخبرناك قال ربك، فلا تشكي في ذلك ولا تعجبي منه، فإن ما أراده الله كائن لا محالة، ولم نقل ذلك من جهة أنفسنا، وقد كانت إذ ذاك بنت تسع وتسعين سنة، وإبراهيم ابن مائة سنة، وقد سبق بيان هذا مستوفى، وجملة: {إِنَّهُ هُوَ الحكيم العليم} تعليل لما قبلها أي: حكيم في أفعاله وأقواله، عليم بكل شيء. وجملة: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون} مستأنفة جواباً عن سؤال مقدّر، كأنه قيل: فماذا قال إبراهيم بعد هذا القول من الملائكة؟ والخطب: الشأن والقصة، والمعنى: فما شأنكم وما قصتكم أيها المرسلون من جهة الله، وما ذاك الأمر الذي لأجله أرسلكم سوى هذه البشارة؟ {قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} يريدون: قوم لوط.
{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن طِينٍ} أي: لنرجمهم بحجارة من طين متحجر، وانتصاب {مُّسَوَّمَةً} على الصفة لحجارة، أو على الحال في الضمير المستكنّ في الجار والمجرور، أو من الحجارة؛ لكونها قد وصفت بالجار والمجرور، ومعنى {مُّسَوَّمَةً}: معلمة بعلامات تعرف بها، قيل: كانت مخططة بسواد وبياض، وقيل: بسواد وحمرة، وقيل: معروفة بأنها حجارة العذاب، وقيل: مكتوب على كل حجر من يهلك بها، وقوله: {عِندَ رَبّكَ} ظرف لمسوّمة، أي: معلمة عنده {لِلْمُسْرِفِينَ} المتمادين في الضلالة المجاوزين الحدّ في الفجور.
وقال مقاتل: للمشركين، والشرك أسرف الذنوب وأعظمها. {فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المؤمنين} هذا كلام من جهة الله سبحانه، أي: لما أردنا إهلاك قوم لوط أخرجنا من كان في قرى قوم لوط من قومه المؤمنين به {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ المسلمين} أي: غير أهل بيت. يقال: بيت شريف ويراد به أهله، قيل: وهم أهل بيت لوط، والإسلام: الانقياد والاستسلام لأمر الله سبحانه، فكل مؤمن مسلم، ومن ذلك قوله: {قَالَتِ الأعراب ءامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] وقد أوضح الفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإسلام والإيمان في الحديث في الصحيحين، وغيرهما الثابت من طرق أنه سئل عن الإسلام، فقال: «أن تشهد أن لا إله إلاَّ الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان»، وسئل عن الإيمان، فقال: «أن تؤمن بالله، وملائكته وكتبه ورسله، والقدر خيره وشرّه»، فالمرجع في الفرق بينهما هو هذا الذي قاله الصادق المصدوق، ولا التفات إلى غيره مما قاله أهل العلم في رسم كل واحد منهما برسوم مضطربة مختلفة مختلة متناقضة، وأما ما في الكتاب العزيز من اختلاف مواضع استعمال الإسلام والإيمان، فذلك باعتبار المعاني اللغوية والاستعمالات العربية، والواجب تقديم الحقيقة الشرعية على اللغوية، والحقيقة الشرعية هي هذه التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجاب سؤال السائل له عن ذلك بها {وَتَرَكْنَا فِيهَا ءايَةً لّلَّذِينَ يَخَافُونَ العذاب الأليم} أي: وتركنا في تلك القرى علامة، ودلالة تدل على ما أصابهم من العذاب، كلّ من يخاف عذاب الله، ويخشاه من أهل ذلك الزمان ومن بعدهم، وهذه الآية هي آثار العذاب في تلك القرى، فإنها ظاهرة بينة، وقيل: هي الحجارة التي رجموا بها، وإنما خصّ الذين يخافون العذاب الأليم؛ لأنهم الذين يتعظون بالمواعظ، ويتفكرون في الآيات دون غيرهم ممن لا يخاف ذلك وهم المشركون المكذبون بالبعث، والوعد والوعيد.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فِى صَرَّةٍ} قال: في صيحة {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} قال: لطمت.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ المسلمين} قال: لوط وابنتيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كانوا ثلاثة عشر.

.تفسير الآيات (38- 60):

{وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46) وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}
قوله: {وَفِى موسى} معطوف على قوله: {فيها} بإعادة الخافض، والتقدير: وتركنا في قصة موسى آية، أو معطوف على {وَفِى الأرض} والتقدير: وفي الأرض، وفي موسى آيات، قاله الفراء، وابن عطية، والزمخشري. قال أبو حيان: وهو بعيد جداً ينزّه القرآن عن مثله، ويجوز أن يكون متعلقاً بجعلنا مقدّراً لدلالة وتركنا عليه قيل: ويجوز أن يعطف على {وَتَرَكْنَا} على طريقة قول القائل:
علفتها تبناً وماء بارداً

والتقدير: وتركنا فيها آية، وجعلنا في موسى آية. قال أبو حيان: ولا حاجة إلى إضمار، وجعلنا لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور وتركنا. والوجه الأوّل هو الأولى، وما عداه متكلف متعسف لم تلجئ إليه حاجة، ولا دعت إليه ضرورة {إِذْ أرسلناه إلى فِرْعَوْنَ بسلطان مُّبِينٍ} الظرف متعلق بمحذوف هو نعت لآية، أي: كائنة وقت أرسلناه، أو بآية نفسها، والأوّل أولى. والسلطان المبين: الحجة الظاهرة الواضحة، وهي العصا، وما معها من الآيات {فتولى بِرُكْنِهِ} التولي: الإعراض، والركن: الجانب، قاله الأخفش. والمعنى: أعرض بجانبه، كما في قوله: {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [الإسراء: 83] قال الجوهري: ركن الشيء: جانبه الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد، أي: عزّ ومنعة.
وقال ابن زيد، ومجاهد، وغيرهما: الركن: جمعه وجنوده الذين كان يتقوّى بهم، ومنه قوله تعالى: {أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] أي: عشيرة ومنعة، وقيل: الركن: نفس القوّة، وبه قال قتادة وغيره، ومنه قول عنترة:
فما أوهى مراس الحرب ركني ** ولكن ما تقادم من زماني

{وَقَالَ ساحر أَوْ مَجْنُونٌ} أي: قال فرعون في حقّ موسى: هو ساحر، أو مجنون، فردّد فيما رآه من أحوال موسى بين كونه ساحراً، أو مجنوناً، وهذا من اللعين مغالطة وإيهام لقومه، فإنه يعلم أن ما رآه من الخوارق لا يتيسر على يد ساحر، ولا يفعله من به جنون. وقيل: إن {أو} بمعنى الواو؛ لأنه قد قال ذلك جميعاً ولم يتردّد، قاله المؤرج، والفرّاء، كقوله: {وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: 24]. {فأخذناه وَجُنُودَهُ فنبذناهم في اليم} أي: طرحناهم في البحر، وجملة: {وَهُوَ مُلِيمٌ} في محل نصب على الحال، أي: آت بما يلام عليه حين ادّعى الربوبية، وكفر بالله وطغى في عصيانه {وَفِى عَادٍ} أي: وتركنا في قصة عاد آية {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الريح العقيم} وهي التي لا خير فيها ولا بركة، لا تلقح شجراً ولا تحمل مطراً، إنما هي ريح الإهلاك والعذاب. ثم وصف سبحانه هذه الريح فقال: {مَا تَذَرُ مِن شَئ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم} أي: ما تذر من شيء مرّت عليه من أنفسهم، وأنعامهم، وأموالهم إلاّ جعلته كالشيء الهالك البالي.
قال الشاعر:
تركتني حين كفّ الدهر من بصري ** وإذ بقيت كعظم الرّمة البالي

وقال قتادة: إنه الذي ديس من يابس النبات، وقال السديّ، وأبو العالية: إنه التراب المدقوق، وقال قطرب: إنه الرماد، وأصل الكلمة من رمّ العظم: إذا بلي فهو رميم، والرّمة: العظام البالية. {وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ} أي: وتركنا في قصة ثمود آية وقت قلنا لهم: عيشوا متمتعين بالدنيا إلى حين وقت الهلاك، وهو ثلاثة أيام، كما في قوله: {تَمَتَّعُواْ في دَارِكُمْ ثلاثة أَيَّامٍ} [هود: 65]. {فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ} أي: تكبروا عن امتثال أمر الله {فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة} وهي كل عذاب مهلك. قرأ الجمهور {الصاعقة} وقرأ عمر بن الخطاب، وحميد، وابن محيصن، ومجاهد، والكسائي {الصعقة}، وقد مرّ الكلام على الصاعقة في البقرة، وفي مواضع {وَهُمْ يَنظُرُونَ} أي: يرونها عياناً، والجملة في محل نصب على الحال، وقيل: إن المعنى: ينتظرون ما وعدوه من العذاب، والأوّل أولى {فَمَا استطاعوا مِن قِيَامٍ} أي: لم يقدروا على القيام. قال قتادة: من نهوض، يعني: لم ينهضوا من تلك الصرعة، والمعنى: أنهم عجزوا عن القيام فضلاً عن الهرب. ومثله قوله: {فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جاثمين} [الأعراف: 78] {وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ} أي: ممتنعين من عذاب الله بغيرهم {وَقَوْمَ نُوحٍ مّن قَبْلُ} أي: من قبل هؤلاء المهلكين، فإن زمانهم متقدّم على زمن فرعون، وعاد وثمود {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فاسقين} أي: خارجين عن طاعة الله. قرأ حمزة، والكسائي، وأبو عمرو بخفض {قوم} أي: وفي قوم نوح آية. وقرأ الباقون بالنصب. أي: وأهلكنا قوم نوح، أو هو معطوف على مفعول أخذتهم الصاعقة، أو على مفعول نبذناهم أي: نبذناهم، ونبذنا قوم نوح، أو يكون العامل فيه اذكر. {والسماء بنيناها بِأَيْدٍ} أي: بقوّة وقدرة، قرأ الجمهور بنصب {السماء} على الاشتغال، والتقدير: وبنينا السماء بنيناها. وقرأ أبو السماك، وابن مقسم برفعها على الابتداء {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} الموسع ذو الوسع: والسعة، والمعنى: إنا لذو سعة بخلقها، وخلق غيرها لا نعجز عن ذلك، وقيل: لقادرون، من الوسع بمعنى: الطاقة والقدرة، وقيل: إنا لموسعون الرزق بالمطر. قال الجوهري: وأوسع الرجل: صار ذا سعة وغنى {والأرض فرشناها} قرأ الجمهور بنصب {الأرض} على الاشتغال. وقرأ أبو السماك، وابن مقسم برفعها، كما تقدّم في قوله: {والسماء بنيناها} ومعنى {فرشناها}: بسطناها كالفراش {فَنِعْمَ الماهدون} أي: نحن، يقال مهدت الفراش: بسطته ووطأته، وتمهيد الأمور: تسويتها وإصلاحها {وَمِن كُلّ شَئ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} أي: صنفين، ونوعين من ذكر وأنثى، وبرّ وبحر، وشمس وقمر، وحلو ومرّ، وسماء وأرض، وليل ونهار، ونور وظلمة، وجنّ وإنس، وخير وشرّ {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي: خلقنا ذلك هكذا لتتذكروا، فتعرفوا أنه خالق كل شيء، وتستدلوا بذلك على توحيده، وصدق وعده ووعيده.
{فَفِرُّواْ إِلَى الله إِنّى لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} أي: قل لهم يا محمد: ففرّوا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم عن الكفر والمعاصي، وجملة: {إِنّى لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} تعليل للأمر بالفرار، وقيل: معنى {فَفِرُّواْ إِلَى الله} اخرجوا من مكة.
وقال الحسين بن الفضل: احترزوا من كل شيء غير الله، فمن فرّ إلى غيره لم يمتنع منه. وقيل: فرّوا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن، وقيل: فرّوا من الجهل إلى العلم، ومعنى: {إِنّى لَكُمْ مّنْهُ} أي: من جهته منذر بين الإنذار {وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ الله إلها ءاخَرَ} نهاهم عن الشرك بالله بعد أمرهم بالفرار إلى الله، وجملة {إِنّى لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}: تعليل للنهي. {كَذَلِكَ مَا أَتَى الذين مِن قَبْلِهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ ساحر أَوْ مَجْنُونٌ} في هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ببيان أن هذا شأن الأمم المتقدمة وأن ما وقع من العرب من التكذيب لرسول الله، ووصفه بالسحر، والجنون قد كان ممن قبلهم لرسلهم، و{كذلك} في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر كذلك. ثم فسر ما أجمله بقوله: {مَا أَتَى} إلخ، أو في محل نصب نعتاً لمصدر محذوف، أي: أنذركم إنذاراً كإنذار من تقدّمني من الرسل الذين أنذروا قومهم، والأوّل أولى {أَتَوَاصَوْاْ بِهِ} الاستفهام للتقريع والتوبيخ، والتعجيب من حالهم، أي: هل أوصى أوّلهم آخرهم بالتكذيب، وتواطئوا عليه؟ {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغون} إضراب عن التواصي إلى ما جمعهم من الطغيان أي: لم يتواصوا بذلك، بل جمعهم الطغيان، وهو مجاوزة الحدّ في الكفر. ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم، فقال: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} أي: أعرض عنهم، وكفّ عن جدالهم، ودعائهم إلى الحق، فقد فعلت ما أمرك الله به وبلغت رسالته {فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ} عند الله بعد هذا؛ لأنك قد أدّيت ما عليك، وهذا منسوخ بآية السيف. ثم لما أمره بالإعراض عنهم أمره بأن لا يترك التذكير، والموعظة بالتي هي أحسن فقال: {وَذَكّرْ فَإِنَّ الذكرى تَنفَعُ المؤمنين} قال الكلبي: المعنى: عظ بالقرآن من آمن من قومك فإن الذكرى تنفعهم.
وقال مقاتل: عظ كفار مكة فإن الذكرى تنفع من كان في علم الله أنه يؤمن. وقيل: ذكرهم بالعقوبة وأيام الله، وخصّ المؤمنين بالتذكير لأنهم المنتفعون به. وجملة {وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}: مستأنفة مقرّرة لما قبلها. أن كون خلقهم؛ لمجرّد العبادة مما ينشط رسول الله للتذكير، وينشطهم للإجابة. قيل: هذا خاصّ في من سبق في علم الله سبحانه أنه يعبده، فهو عموم مراد به الخصوص.
قال الواحدي: قال المفسرون: هذا خاصّ لأهل طاعته، يعني: من أُهِّل من الفريقين. قال: وهذا قول الكلبي، والضحاك، واختيار الفراء، وابن قتيبة. قال القشيري: والآية دخلها التخصيص بالقطع؛ لأن المجانين لم يؤمروا بالعبادة، ولا أرادها منهم، وقد قال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ الجن والإنس} [الأعراف: 179] ومن خلق لجهنم لا يكون ممن خلق للعبادة. فالآية محمولة على المؤمنين منهم، ويدل عليه قراءة ابن مسعود، وأبيّ بن كعب: {وما خلقت الجنّ والإنس من المؤمنين إلاّ ليعبدون}.
وقال مجاهد: إن المعنى: إلاّ ليعرفوني. قال الثعلبي: وهذا قول حسن؛ لأنه لو لم يخلقهم لما عرف وجوده وتوحيده.
وروي عن مجاهد أنه قال: المعنى: إلاّ لآمرهم وأنهاهم، ويدل عليه قوله: {وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إلها واحدا لاَّ إله إِلاَّ هُوَ سبحانه عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] واختار هذا الزجاج.
وقال زيد بن أسلم: هو ما جبلوا عليه من السعادة والشقاوة، فخلق السعداء من الجن والإنس للعبادة، وخلق الأشقياء للمعصية.
وقال الكلبي: المعنى: إلاّ ليوحدون، فأما المؤمن، فيوحده في الشدّة والرخاء، وأما الكافر، فيوحده في الشدّة دون النعمة، كما في قوله: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كالظلل دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} [لقمان: 32] وقال جماعة: إلاّ ليخضعوا لي ويتذللوا، ومعنى العبادة في اللغة: الذل والخضوع والانقياد، وكل مخلوق من الإنس والجنّ خاضع لقضاء الله متذلل لمشيئته منقاد لما قدّره عليه. خلقهم على ما أراد، ورزقهم كما قضى، لا يملك أحد منهم لنفسه نفعاً، ولا ضرًّا. ووجه تقديم الجن على الإنس ها هنا تقدم وجودهم. {مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} هذه الجملة فيها بيان استغنائه سبحانه عن عباده، وأنه لا يريد منهم منفعة، كما تريده السادة من عبيدهم، بل هو الغنيّ المطلق الرازق المعطي. وقيل المعنى: ما أريد منهم أن يرزقوا أحداً من خلقي، ولا أن يرزقوا أنفسهم، ولا يطعموا أحداً من خلقي، ولا يطعموا أنفسهم، وإنما أسند الإطعام إلى نفسه لأن الخلق عيال الله، فمن أطعم عيال الله، فهو كمن أطعمه. وهذا كما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله: عبدي استطعمتك فلم تطعمني»، أي: لم تطعم عبادي، و{من} في قوله: {مِن رّزْقِ} زائدة لتأكيد العموم. ثم بيّن سبحانه أنه هو الرزاق لا غيره، فقال: {إِنَّ الله هُوَ الرزاق} لا رزاق سواه، ولا معطي غيره، فهو الذي يرزق مخلوقاته، ويقوم بما يصلحهم فلا يشتغلوا بغير ما خلقوا له من العبادة {ذُو القوة المتين} ارتفاع المتين على أنه وصف للرزاق، أو لذو، أو خبر مبتدأ محذوف، أو خبر بعد خبر. قرأ الجمهور: {الرزاق} وقرأ ابن محيصن: {الرازق} وقرأ الجمهور {المتين} بالرفع، وقرأ يحيى بن وثاب، والأعمش بالجرّ صفة للقوّة، والتذكير لكون تأنيثها غير حقيقي.
قال الفراء: كان حقه المتينة فذكرها؛ لأنه ذهب بها إلى الشيء المبرم المحكم الفتل، يقال: حبل متين، أي: محكم الفتل، ومعنى المتين: الشديد القوّة هنا {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مّثْلَ ذَنُوبِ أصحابهم} أي: ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي، فإن لهم ذنوباً، أي: نصيباً من العذاب مثل نصيب الكفار من الأمم السابقة. قال ابن الأعرابي: يقال: يوم ذنوب، أي: طويل الشرّ لا ينقضي، وأصل الذنوب في اللغة: الدلو العظيمة، ومن استعمال الذنوب في النصيب من الشيء قول الشاعر:
لعمرك والمنايا طارقات ** لكلّ بني أب منها ذنوب

وما في الآية مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالدلو الكبير، فهو تمثيل جعل الذنوب مكان الحظ والنصيب، قاله ابن قتيبة {فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ} أي: لا يطلبوا مني أن أعجل لهم العذاب، كما في قولهم: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} [الأعراف: 70] {فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الذي يُوعَدُونَ} قيل: هو يوم القيامة، وقيل: يوم بدر، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر في قوله: {فتولى بِرُكْنِهِ} عن ابن عباس قال: بقومه.
وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عنه في قوله: {الريح العقيم} قال: الشديدة التي لا تلقح شيئًا.
وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: لا تلقح الشجر ولا تثير السحاب، وفي قوله: {إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم} قال: كالشيء الهالك.
وأخرج الفريابي، وابن المنذر عن عليّ بن أبي طالب قال: الريح العقيم: النكباء.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {والسماء بنيناها بِأَيْدٍ} قال: بقوّة.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر عنه في قوله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ} قال: أمره الله أن يتولى عنهم ليعذبهم، وعذر محمداً صلى الله عليه وسلم، ثم قال: {وَذَكّرْ فَإِنَّ الذكرى تَنفَعُ المؤمنين}، فنسختها.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه في قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} قال: ليقرّوا بالعبودية طوعاً أو كرهاً.
وأخرج ابن المنذر عنه في الآية قال: على ما خلقتهم عليه من طاعتي ومعصيتي، وشقوتي وسعادتي.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات عنه أيضاً في قوله: {المتين} يقول: الشديد.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: {ذَنُوباً} قال: دلواً.